حين يتحدث الصمت: النائب بوي احمد ولد اشريف والعمل بعيدًا عن الأضواء”

في عمق الصحراء، حيث التاريخ يحاكي الصخر، وتوشك العزلة أن تصبح قدرًا، تقف تيشيت، مدينة المنارة والرباط، تواجه تحديات الواقع الجغرافي والاقتصادي، وتعيش بين طموحات أبنائها ومحدودية الوسائل. وفي خضم هذا المشهد الصعب، يبرز اسم النائب بوي احمد ولد اشريف كصوت لم يختر الضجيج، بل سلك طريق الفعل الهادئ والعمل المثابر.

منذ انتخابه، وضع النائب في مقدمة أولوياته تأمين مقومات الحياة الأساسية لساكنة تيشيت، ليس بالخطب الرنانة، بل بالمتابعة اليومية والتدخلات المباشرة.
ففي مجال الماء، الذي طالما مثّل أحد أكبر التحديات في المنطقة، لم يركن للانتظار، بل أشرف على حفر عدة آبار في مناطق مختلفة، لتأمين حاجات السكان بشكل دائم ومستقر.

أما في ما يخص المواد الأساسية، فقد أثبت حضوره الميداني، إذ لا يتردد في التدخل كلما شحّت إحدى السلع أو انقطعت مواد كاللحم، أو القمح، أو الغاز، أو السمك، متابعًا مع السلطات المختصة، وساعيًا إلى توفير البدائل بشكل فوري، منعًا لأي أزمة في التوزيع.

ولأن الاتصال لم يعد ترفًا بل ضرورة، بذل النائب جهودًا معتبرة لتحسين تغطية الشبكة الهاتفية وربط تيشيت بوسائل التواصل الحديثة، ما ساعد على تسهيل حياة الناس وفتح آفاق جديدة للخدمات والتعليم والعمل عن بعد.

وبعيدًا عن الخطابات السياسية، كثيرًا ما يُؤخذ على النائب أنه لا يظهر كثيرًا تحت قبة البرلمان، لكن هذا النقد يتجاهل جوهر العمل البرلماني الحقيقي، الذي لا يقاس بعدد المداخلات، بل بمردودية العمل، وقوة التأثير خلف الكواليس.
فالواقع أن بوي احمد ولد اشريف من أولئك الذين لا يتحدثون كثيرًا أمام الكاميرات، لكنهم لا يغادرون الوزارات والمؤسسات في نواكشوط، يطرقون الأبواب، ويُعدّون الملفات، ويُتابعون المشاريع التي تهم دائرتهم.

ليس كل نائب يرفع صوته في الجلسة، هو من يخدم قاعدته؛ هناك رجال يشتغلون بصمت، ويجعلون النتائج تتحدث عنهم. إن تيشيت تحتاج إلى من يذهب في الطلب، لا من يكتفي بالتذمر.

ولم تقف جهوده عند العمل المؤسساتي فقط، بل عرفته الساكنة بإنفاقه المستمر، وحرصه على مد يد العون للفقراء والمحتاجين، بل إن أغلب سكان المدينة قد استفادوا بطريقة أو بأخرى من دعمه، سواء بشكل مباشر أو من خلال تدخلاته.
ومع أن العمل الخيري ليس من صميم العمل النيابي، فإن النائب لم يتوانَ عن فتح منزله أمام ضيوف المدينة، من سكان ووافدين وموظفين، خصوصًا المعلمين والأساتذة الذين يجدون فيه دائمًا سندًا ومأوى كريمًا.

إن النائب بوي احمد ولد اشريف لم يعد يمثل تيشيت في البرلمان فقط، بل بات جزءًا من نسيجها الاجتماعي والإنساني. وما يقدّمه على أرض الواقع هو جهد قابل للقياس، ويستحق التقدير، حتى وإن غاب عن كاميرات الإعلام ومنصات الترويج.

تيشيت، وهي تقف بين مطرقة العزلة وسندان التهميش، لا تحتاج لمزايدات، بل لمن يعملون بجد، وبصمت، وبحب.
والإنصاف يقتضي أن نذكر المنجز، كما ننتقد التقصير، لا أن نصم الآذان عن كل ما تحقق لأن منجزه ليس صاخبًا ولا متباهيًا.

وبين أعين ساخطة تبحث عن المثالية، وأيدٍ ممدودة تصنع الممكن، يبقى صوت المواطن هو الفيصل، والواقع هو الحكم.
بقلم : مواطن تيشيتي

شاهد أيضاً

« الشراكة الموريتانية الأوروبية في ملف الهجرة: واقع الانتهاكات وتقصير الدولة »

    نظم مكتب كفانا ببروكسيل وقفة إحتجاجية تنديدا بواقع البلد الحالي ومايشهده من فساد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *